علم البيانات والاتجار في البشر !!
وضعت منظمة الأمم المتحدة «العمل اللائق ونمو الاقتصاد» بين أهدافها السبعة عشر للتنمية المستدامة. وبلا شك، فإن كلمة «لائق» لا تتناسب مع العمل بالسخرة، أو العبودية، أو الاتجار في البشر. وفقًا للتقدير العالمي للعبودية الحديثة لعام 2017، والذي أعدته منظمة العمل الدولية ومنظمة الهجرة الدولية، يوجد 25 مليون شخص حول العالم كانوا من ضحايا الاتجار في البشر لأغراض العمل بالسخرة في يوم ما. وعلى الرغم من أن الاتجار في البشر جريمة دولية معقدة يَصعُب تعقبها، ما يزال العلم صاحب اليد العليا، ويستطيع تقديم وسائل تعين الإنسانية على تحقيق أهدافها.
وضعت منظمة الأمم المتحدة «العمل اللائق ونمو الاقتصاد» بين أهدافها السبعة عشر للتنمية المستدامة. وبلا شك، فإن كلمة «لائق» لا تتناسب مع العمل بالسخرة، أو العبودية، أو الاتجار في البشر. وفقًا للتقدير العالمي للعبودية الحديثة لعام 2017، والذي أعدته منظمة العمل الدولية ومنظمة الهجرة الدولية، يوجد 25 مليون شخص حول العالم كانوا من ضحايا الاتجار في البشر لأغراض العمل بالسخرة في يوم ما. وعلى الرغم من أن الاتجار في البشر جريمة دولية معقدة يَصعُب تعقبها، ما يزال العلم صاحب اليد العليا، ويستطيع تقديم وسائل تعين الإنسانية على تحقيق أهدافها.
الأزمة
لنجعل الأمور واضحة للجميع، دعونا نبدأ بتعريف وافٍ للاتجار في البشر. وفقًا لمكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، فإن الاتجار في البشر هو «توظيف الأشخاص، أو نقلهم، أو إيواؤهم، أو تسلُّمهم عن طريق التهديد أو استخدام القوة أو أي شكل آخر من الإكراه، أو الاختطاف، أو الاحتيال، أو الخداع، أو استغلال القوة، أو موقف الضعف، أو تسليم وتسلُّم الأموال أو المنافع لتقبل شخص ما السيطرة على أشخاص آخرين بغرض الاستغلال».
إن الاتجار في البشر جريمة منظمة عالية الربح تحدث في شتى أنحاء العالم؛ إذ تأتي أرباحها في المرتبة الثانية بعد الاتجار غير المشروع في المخدرات. وقد تُمثِّل مختلف الدول حول العالم مصدرًا للضحايا، أو نقطة انتقال لهم، أو موقعًا لسوء استغلالهم. هذا، ويُجبر ضحايا الاتجار في البشر على العمل في نشاطات منافية للآداب، أو الشحاذة، أو عمال مصانع، أو عمال بناء، أو عمال مناجم، أو صيادين، أو غيرها. ومن الممكن النظر إلى الاتجار في البشر على أنه سلسلة إمداد؛ إذ ينتقل الضحايا الذين يمثلون «العرض» عبر شبكة لسدِّ الحاجة إلى العمالة زهيدة الثمن التي تمثل «الطلب».
إلا أن هذه الشبكات متغيرة؛ حيث يحرص التجار على تغيير منافذ التوزيع والنقل لتجنب القبض عليهم، ما يفرض تحديات ضخمة على الجهات المنفذة للقانون التي تحاول التصدي لهم. ولكن الأخبار الجيدة أن المتاجرين في البشر عادة ما يتركون بصمات خلفهم في صورة بيانات؛ سواء كانت تحويلات بنكية، أو صورًا أو إعلانات على الإنترنت، أو محادثات تليفونية، أو غيرها. ومن هنا، يستطيع العلم التدخل واستخدام تلك المعلومات لاختراق سلسلة الإمداد عند نقطة ما. فدعونا نتطرق بمزيد من التفاصيل إلى الطرق المختلفة المستخدمة في محاربة الاتجار في البشر.
لنجعل الأمور واضحة للجميع، دعونا نبدأ بتعريف وافٍ للاتجار في البشر. وفقًا لمكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، فإن الاتجار في البشر هو «توظيف الأشخاص، أو نقلهم، أو إيواؤهم، أو تسلُّمهم عن طريق التهديد أو استخدام القوة أو أي شكل آخر من الإكراه، أو الاختطاف، أو الاحتيال، أو الخداع، أو استغلال القوة، أو موقف الضعف، أو تسليم وتسلُّم الأموال أو المنافع لتقبل شخص ما السيطرة على أشخاص آخرين بغرض الاستغلال».
إن الاتجار في البشر جريمة منظمة عالية الربح تحدث في شتى أنحاء العالم؛ إذ تأتي أرباحها في المرتبة الثانية بعد الاتجار غير المشروع في المخدرات. وقد تُمثِّل مختلف الدول حول العالم مصدرًا للضحايا، أو نقطة انتقال لهم، أو موقعًا لسوء استغلالهم. هذا، ويُجبر ضحايا الاتجار في البشر على العمل في نشاطات منافية للآداب، أو الشحاذة، أو عمال مصانع، أو عمال بناء، أو عمال مناجم، أو صيادين، أو غيرها. ومن الممكن النظر إلى الاتجار في البشر على أنه سلسلة إمداد؛ إذ ينتقل الضحايا الذين يمثلون «العرض» عبر شبكة لسدِّ الحاجة إلى العمالة زهيدة الثمن التي تمثل «الطلب».
إلا أن هذه الشبكات متغيرة؛ حيث يحرص التجار على تغيير منافذ التوزيع والنقل لتجنب القبض عليهم، ما يفرض تحديات ضخمة على الجهات المنفذة للقانون التي تحاول التصدي لهم. ولكن الأخبار الجيدة أن المتاجرين في البشر عادة ما يتركون بصمات خلفهم في صورة بيانات؛ سواء كانت تحويلات بنكية، أو صورًا أو إعلانات على الإنترنت، أو محادثات تليفونية، أو غيرها. ومن هنا، يستطيع العلم التدخل واستخدام تلك المعلومات لاختراق سلسلة الإمداد عند نقطة ما. فدعونا نتطرق بمزيد من التفاصيل إلى الطرق المختلفة المستخدمة في محاربة الاتجار في البشر.
العلم
يُعدُّ مجال علم البيانات المستخدم في مكافحة هذه الجريمة حديثًا إلى حدٍّ ما، ولكن له نطاق كبير من التطبيقات الواعدة في مختلف المجالات؛ بما في ذلك التسويق، والبحث العلمي، والرياضة، والزراعة، وغيرها. فيستخدم علم البيانات كميات كبيرة من البيانات المعقدة – ما يطلق عليه البيانات الكبيرة – لاستنتاج معلومات ذات قيمة تسهم في التعرف على الأنماط المنتظمة وتساعد على اتخاذ القرارات. إنه مجال متعدد التخصصات يعتمد على الرياضيات، والإحصاء، وعلم الحاسوب، والذكاء الاصطناعي، وتعلُّم الآلات، وغيرها.
إحدى الطرق لمواجهة الاتجار في البشر باستخدام علم البيانات هي مساعدة البنوك على تتبع أموال المتاجرين. على سبيل المثال، طورت شركة آي بي إم (IBM) الرائدة في مجال التكنولوجيا مؤخرًا مركز بيانات سحابيًّا تستطيع المؤسسات المصرفية أن تخزن عليه بيانات تتعلق بمعاملات غسيل الأموال المريبة التي تتم في خضم معاملات أخرى شرعية. باستخدام تطبيقات الذكاء الافتراضي وتعلُّم الآلات، أصبحت هذه الأداة قادرة على تحليل البيانات والكشف عن وقائع الاتجار في البشر. يؤدي هذا بدوره إلى تمكين المحللين من كشف المعلومات المتعلقة بالمتاجرين في البشر بشكل أكثر سهولة. ومن شأن المشاركة الفعالة لمثل تلك البيانات أيضًا أن تتيح للحكومات والمؤسسات ذات الصلة عمل التحركات المطلوبة للقضاء على هذه الجريمة.
وتوجد مبادرة مشابهة نفذتها جامعة أمستردام بالتعاون مع وزارة الشئون الاجتماعية والتوظيف الهولندية، وبنك ABN AMRO لتتبع البصمات الرقمية للمتاجرين في البشر المخبأة في طيات البيانات البنكية، دون انتهاك خصوصية العملاء. هذا، ويعتمد النظام الذي طورته جامعة أمستردام على 25 مؤشر بيانات، تساعد على التعرف على أنشطة الاتجار في البشر المحتملة. على سبيل المثال، يتتبع النظام أصحاب الحسابات المسجلين على العنوان ذاته، والذين يقومون بعمليات سحب نقدي لمبالغ قليلة من ماكينة الصراف الآلي ذاتها؛ فهؤلاء قد يكونون ضحايا محتملين. هذا، ويتم تحليل البيانات البنكية كل ثلاثة أشهر لتتبع هذه المؤشرات، ويتم تصفية البيانات بصفة دورية لضمان الحفاظ على الخصوصية وتجنب الانخراط في تحقيقات غير مفيدة. وفقًا لجامعة أمستردام، فإن المشروع قد كشف حتى الآن عن 72 صاحب حساب مشتبهًا به، و50 ضحية محتملة.
ويعتمد منهج آخر لاستخدام علم البيانات في محاربة الاتجار في البشر على إعاقة التواصل عبر شبكة الإنترنت بين المشتبه بهم والضحايا المحتلمين. في العقود الأخيرة، كان استقطاب الأشخاص الضعفاء يتم من خلال الإنترنت عن طريق الاحتيال، مثل تقديم وعود بتوفير فرص عمل أو الزواج. ومن شأن تحليل أنماط التفاعل على شبكات التواصل الاجتماعي أن يساعد أيضًا على تحديد الأشخاص الذين لهم تأثير كبير في غيرهم؛ وهذا يمكننا من تحديد المتاجرين والضحايا مبكرًا. وفي حالة الفشل في إعاقة التواصل، فما زال بوسع علم البيانات تقديم المساعدة في حال اختفاء إحدى الضحايا المحتملين. فيستطيع علم البيانات إمداد المحققين بعناوين بروتوكول الإنترنت وبيانات الاتصال الخاصة بكلٍّ من الضحية والمتاجر، إلى جانب معلومات تتعلق بالتواصل بينهما.
يستطيع علم البيانات أيضًا نمذجة أوجه ضعف الضحايا المحتملين، ومساعدة الجهات المعنية على معرفة المجموعات المهددة التي قد يستهدفها المتاجرون في البشر. بعبارة أخرى، يعطي علم البيانات معلومات حول المناطق أو المجموعات التي تحتاج السلطات إلى استهدافها بحملات توعية مضادة للاتجار في البشر وبخدمات الدعم الاجتماعي. وتشمل أوجه الضعف تلك الفقر، والبطالة، والهجرة، والهروب من الصراعات السياسية أو الحروب.
مثال على هذا مبادرة من الهند. إذ عادة ما تُستهدف فتيات القرى الفقيرة من قِبل المتاجرين في البشر مقابل وعود بفرص تعليم، أو عمل، أو زواج أفضل. في الحقيقة، لا يدرك الوالدون أنهم يبيعون فتياتهم إماءً. ومن هنا، أطلقت مؤسسة هندية تُسمى “My Choices Foundation” برنامجًا مصممًا لرفع الوعي بين القرويين حول كيفية عمل المتاجرين في البشر. ولكن، مع وجود أكثر من 600.000 قرية في الهند، اضطر البرنامج إلى الاعتماد على حلول البيانات الكبيرة لتحديد القرى الأكثر تعرضًا للمخاطرة. يحلل البرنامج الذي طورته شركة تحليل بيانات أسترالية بيانات تعداد الهند، وبيانات التعليم الحكومي، وغيرها من مصادر البيانات المتعلقة بمستوى الفقر، والقرب من نقاط الشرطة، ومحطات المواصلات، وغيرها، للوصول إلى الاستنتاجات المطلوبة.
إحدى الطرق الأخرى المستخدمة لمكافحة الاتجار في البشر هي تحليل النصوص. على سبيل المثال، أشرفت شركة تحليل البيانات الأمريكية ساس “SAS” على مشروع يستخدم تقنية تعلُّم الآلات لتقييم أنماط الاتجار في البشر المتوارية في نصوص مئات التقارير الرسمية ذات الصلة. وكان الهدف من المشروع جعل محتويات تلك التقارير متاحة في صورة أسهل بالنسبة إلى المنظمات المعنية. يقول توم سابو من شركة ساس: «استخدمنا تحليلات البيانات النصية لتمشيط جميع تقارير الاتجار في البشر منذ عام 2013، وتحديد الأنماط التي لم تكن واضحة قبل هذا».
وقد تضمنت النتائج تحديد الدول المصدرة والمستقبلة لضحايا الاتجار في البشر حول العالم؛ بل رسم المحللون أيضًا خطوطًا ملونة بين الدول تشير إلى ما إذا كان هناك تعاون بينها فيما يتعلق بالاتجار في البشر. وانطوى تحليل البيانات النصية أيضًا على الكشف عن التلازمات اللفظية من أجل التعرف على أغراض الاتجار في البشر في دولة ما. على سبيل المثال، تكرار ظهور كلمات «قسرية»، و«طفل»، و«شحاذة»، و«شارع» مع بعضها يشير إلى استغلال الأطفال في الشحاذة في الشوارع. يَمدُّ المشروع الباحثين والمنظمات بالأدلة والأرقام الموجودة في التقارير بشكل أكثر سهولة، ولكنهم ما زالوا يستطيعون الرجوع إلى النصوص الكاملة لفهم السياقات الخاصة بتلك الاستنتاجات الإحصائية.
يُعدُّ مجال علم البيانات المستخدم في مكافحة هذه الجريمة حديثًا إلى حدٍّ ما، ولكن له نطاق كبير من التطبيقات الواعدة في مختلف المجالات؛ بما في ذلك التسويق، والبحث العلمي، والرياضة، والزراعة، وغيرها. فيستخدم علم البيانات كميات كبيرة من البيانات المعقدة – ما يطلق عليه البيانات الكبيرة – لاستنتاج معلومات ذات قيمة تسهم في التعرف على الأنماط المنتظمة وتساعد على اتخاذ القرارات. إنه مجال متعدد التخصصات يعتمد على الرياضيات، والإحصاء، وعلم الحاسوب، والذكاء الاصطناعي، وتعلُّم الآلات، وغيرها.
إحدى الطرق لمواجهة الاتجار في البشر باستخدام علم البيانات هي مساعدة البنوك على تتبع أموال المتاجرين. على سبيل المثال، طورت شركة آي بي إم (IBM) الرائدة في مجال التكنولوجيا مؤخرًا مركز بيانات سحابيًّا تستطيع المؤسسات المصرفية أن تخزن عليه بيانات تتعلق بمعاملات غسيل الأموال المريبة التي تتم في خضم معاملات أخرى شرعية. باستخدام تطبيقات الذكاء الافتراضي وتعلُّم الآلات، أصبحت هذه الأداة قادرة على تحليل البيانات والكشف عن وقائع الاتجار في البشر. يؤدي هذا بدوره إلى تمكين المحللين من كشف المعلومات المتعلقة بالمتاجرين في البشر بشكل أكثر سهولة. ومن شأن المشاركة الفعالة لمثل تلك البيانات أيضًا أن تتيح للحكومات والمؤسسات ذات الصلة عمل التحركات المطلوبة للقضاء على هذه الجريمة.
وتوجد مبادرة مشابهة نفذتها جامعة أمستردام بالتعاون مع وزارة الشئون الاجتماعية والتوظيف الهولندية، وبنك ABN AMRO لتتبع البصمات الرقمية للمتاجرين في البشر المخبأة في طيات البيانات البنكية، دون انتهاك خصوصية العملاء. هذا، ويعتمد النظام الذي طورته جامعة أمستردام على 25 مؤشر بيانات، تساعد على التعرف على أنشطة الاتجار في البشر المحتملة. على سبيل المثال، يتتبع النظام أصحاب الحسابات المسجلين على العنوان ذاته، والذين يقومون بعمليات سحب نقدي لمبالغ قليلة من ماكينة الصراف الآلي ذاتها؛ فهؤلاء قد يكونون ضحايا محتملين. هذا، ويتم تحليل البيانات البنكية كل ثلاثة أشهر لتتبع هذه المؤشرات، ويتم تصفية البيانات بصفة دورية لضمان الحفاظ على الخصوصية وتجنب الانخراط في تحقيقات غير مفيدة. وفقًا لجامعة أمستردام، فإن المشروع قد كشف حتى الآن عن 72 صاحب حساب مشتبهًا به، و50 ضحية محتملة.
ويعتمد منهج آخر لاستخدام علم البيانات في محاربة الاتجار في البشر على إعاقة التواصل عبر شبكة الإنترنت بين المشتبه بهم والضحايا المحتلمين. في العقود الأخيرة، كان استقطاب الأشخاص الضعفاء يتم من خلال الإنترنت عن طريق الاحتيال، مثل تقديم وعود بتوفير فرص عمل أو الزواج. ومن شأن تحليل أنماط التفاعل على شبكات التواصل الاجتماعي أن يساعد أيضًا على تحديد الأشخاص الذين لهم تأثير كبير في غيرهم؛ وهذا يمكننا من تحديد المتاجرين والضحايا مبكرًا. وفي حالة الفشل في إعاقة التواصل، فما زال بوسع علم البيانات تقديم المساعدة في حال اختفاء إحدى الضحايا المحتملين. فيستطيع علم البيانات إمداد المحققين بعناوين بروتوكول الإنترنت وبيانات الاتصال الخاصة بكلٍّ من الضحية والمتاجر، إلى جانب معلومات تتعلق بالتواصل بينهما.
يستطيع علم البيانات أيضًا نمذجة أوجه ضعف الضحايا المحتملين، ومساعدة الجهات المعنية على معرفة المجموعات المهددة التي قد يستهدفها المتاجرون في البشر. بعبارة أخرى، يعطي علم البيانات معلومات حول المناطق أو المجموعات التي تحتاج السلطات إلى استهدافها بحملات توعية مضادة للاتجار في البشر وبخدمات الدعم الاجتماعي. وتشمل أوجه الضعف تلك الفقر، والبطالة، والهجرة، والهروب من الصراعات السياسية أو الحروب.
مثال على هذا مبادرة من الهند. إذ عادة ما تُستهدف فتيات القرى الفقيرة من قِبل المتاجرين في البشر مقابل وعود بفرص تعليم، أو عمل، أو زواج أفضل. في الحقيقة، لا يدرك الوالدون أنهم يبيعون فتياتهم إماءً. ومن هنا، أطلقت مؤسسة هندية تُسمى “My Choices Foundation” برنامجًا مصممًا لرفع الوعي بين القرويين حول كيفية عمل المتاجرين في البشر. ولكن، مع وجود أكثر من 600.000 قرية في الهند، اضطر البرنامج إلى الاعتماد على حلول البيانات الكبيرة لتحديد القرى الأكثر تعرضًا للمخاطرة. يحلل البرنامج الذي طورته شركة تحليل بيانات أسترالية بيانات تعداد الهند، وبيانات التعليم الحكومي، وغيرها من مصادر البيانات المتعلقة بمستوى الفقر، والقرب من نقاط الشرطة، ومحطات المواصلات، وغيرها، للوصول إلى الاستنتاجات المطلوبة.
إحدى الطرق الأخرى المستخدمة لمكافحة الاتجار في البشر هي تحليل النصوص. على سبيل المثال، أشرفت شركة تحليل البيانات الأمريكية ساس “SAS” على مشروع يستخدم تقنية تعلُّم الآلات لتقييم أنماط الاتجار في البشر المتوارية في نصوص مئات التقارير الرسمية ذات الصلة. وكان الهدف من المشروع جعل محتويات تلك التقارير متاحة في صورة أسهل بالنسبة إلى المنظمات المعنية. يقول توم سابو من شركة ساس: «استخدمنا تحليلات البيانات النصية لتمشيط جميع تقارير الاتجار في البشر منذ عام 2013، وتحديد الأنماط التي لم تكن واضحة قبل هذا».
وقد تضمنت النتائج تحديد الدول المصدرة والمستقبلة لضحايا الاتجار في البشر حول العالم؛ بل رسم المحللون أيضًا خطوطًا ملونة بين الدول تشير إلى ما إذا كان هناك تعاون بينها فيما يتعلق بالاتجار في البشر. وانطوى تحليل البيانات النصية أيضًا على الكشف عن التلازمات اللفظية من أجل التعرف على أغراض الاتجار في البشر في دولة ما. على سبيل المثال، تكرار ظهور كلمات «قسرية»، و«طفل»، و«شحاذة»، و«شارع» مع بعضها يشير إلى استغلال الأطفال في الشحاذة في الشوارع. يَمدُّ المشروع الباحثين والمنظمات بالأدلة والأرقام الموجودة في التقارير بشكل أكثر سهولة، ولكنهم ما زالوا يستطيعون الرجوع إلى النصوص الكاملة لفهم السياقات الخاصة بتلك الاستنتاجات الإحصائية.
التحديات
يبدو أن علم البيانات يقدم مجموعة كبيرة من الحلول الذكية، أليس كذلك؟ ولكنه أيضًا يواجه تحديات كبيرة تعوق اتخاذ الإجراءات المرجو تطبيقها على وجه السرعة. يكمن أحد التحديات في حقيقة أن المتاجرين في البشر يكونون أقوياء جدًّا في بعض البلدان؛ فيهددون المسئولين أو يرشونهم للتغاضي عن أنشطتهم المشبوهة. هكذا، يصبح من السهل بالنسبة إليهم تزوير وثائق التعريف الخاصة بالضحايا أو تبديلها، ما يجعلهم مخفيين بالنسبة إلى السلطات ومحللي البيانات.
والتحدي الثاني والأهم هو أن علم البيانات يحتاج إلى «بيانات» لكي يأتي بنتائج؛ ولأن المشكلة عالمية، فالبيانات يجب أن تكون عالمية أيضًا. لسوء الحظ، ما زال من الصعب جدًّا مشاركة البيانات بين مختلف الجهات الحكومية، والمنظمات غير الهادفة إلى الربح، ومؤسسات تحليل البيانات في الدولة الواحدة، فضلًا عن مختلف الدول حول العالم. بالإضافة إلى الطبيعة الحساسة للبيانات، فليس هناك أدوات كفء وآمنة لتسهيل مشاركة تلك الكميات الهائلة من البيانات على المستوى الدولي بعد.
إن الاتجار في البشر جريمة فظيعة ومريعة بلا شك. ومثلها مثل غيرها من المشكلات العالمية الشائكة، فإنها تتطلب تعاونًا وتحركًا جادين. آن الأوان أن تنحي الإنسانية مشكلاتها السياسية ومنافعها الاقتصادية التافهة جانبًا، وأن تتعاون من أجل إنشاء عالم لا يعامل فيه البشر على أنهم سلع.
_______________________________________
المقال الأصلي منشور بمجلة: كوكب العلم، عدد خريف 2019.
يبدو أن علم البيانات يقدم مجموعة كبيرة من الحلول الذكية، أليس كذلك؟ ولكنه أيضًا يواجه تحديات كبيرة تعوق اتخاذ الإجراءات المرجو تطبيقها على وجه السرعة. يكمن أحد التحديات في حقيقة أن المتاجرين في البشر يكونون أقوياء جدًّا في بعض البلدان؛ فيهددون المسئولين أو يرشونهم للتغاضي عن أنشطتهم المشبوهة. هكذا، يصبح من السهل بالنسبة إليهم تزوير وثائق التعريف الخاصة بالضحايا أو تبديلها، ما يجعلهم مخفيين بالنسبة إلى السلطات ومحللي البيانات.
والتحدي الثاني والأهم هو أن علم البيانات يحتاج إلى «بيانات» لكي يأتي بنتائج؛ ولأن المشكلة عالمية، فالبيانات يجب أن تكون عالمية أيضًا. لسوء الحظ، ما زال من الصعب جدًّا مشاركة البيانات بين مختلف الجهات الحكومية، والمنظمات غير الهادفة إلى الربح، ومؤسسات تحليل البيانات في الدولة الواحدة، فضلًا عن مختلف الدول حول العالم. بالإضافة إلى الطبيعة الحساسة للبيانات، فليس هناك أدوات كفء وآمنة لتسهيل مشاركة تلك الكميات الهائلة من البيانات على المستوى الدولي بعد.
إن الاتجار في البشر جريمة فظيعة ومريعة بلا شك. ومثلها مثل غيرها من المشكلات العالمية الشائكة، فإنها تتطلب تعاونًا وتحركًا جادين. آن الأوان أن تنحي الإنسانية مشكلاتها السياسية ومنافعها الاقتصادية التافهة جانبًا، وأن تتعاون من أجل إنشاء عالم لا يعامل فيه البشر على أنهم سلع.
_______________________________________
المقال الأصلي منشور بمجلة: كوكب العلم، عدد خريف 2019.