لماذا نهى الرسول صلى الله عليه وسلم النوم على البطن ؟؟
الجــــواب
إنَّ النَّومَ على البَطْن مكروهٌ، وقد نهى النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم عنه،
وذلك فيما رَوَاهُ يَعِيشُ بْنُ طِهفَةَ الغِفَارِيُّ، عن أبيه قال:
"ضِفْتُ رسولَ الله صلَّى الله عليه وسلَّم فيمَنْ تَضَيَّفَهُ منَ المساكين
أي: نَزَلْتُ عليه ضَيْفًا - فخرج رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم في اللَّيْل يَتَعَاهَدُ ضَيْفَهُ، فرآني مُنْبَطِحًا على بطني؛ فَرَكَضَنِي بِرِجْلِهِ، وقال: لا تَضْطَجِعْ هذه الضِّجْعَةَ؛ فإنَّها ضِجْعَةٌ يُبْغِضُهَا اللَّهُ عَزَّ وجَلَّ"
. وفي روايةٍ: "فَرَكَضَهُ بِرِجْلِهِ، فَأَيْقَظَهُ؛ فقال: هذه ضِجْعَةُ أَهْلِ النَّارِ" (رَوَاهُ أحمدُ والتِّرْمِذِيُّ وأبو داودَ، وصحَّحهُ الأَلْبانيُّ).
ونَصَّ الحنفيَّةُ والشَّافعيَّةُ والحَنابِلَةُ وغيرُهم على كَراهة النَّوْم على البَطْن؛ قال النَّوَوِيُّ في (المجموع):
"ويُكْرَهُ الاضْطِجَاعُ على بَطْنِهِ". وقال البُهُوتِيُّ في (كشَّاف القِناع): "
ويُكْرَهُ نَوْمَهُ على بطنه، وعلى قَفاهُ, إنْ خاف انْكِشافَ عَوْرَتِهِ... وأَرْدَأُ من ذلك: النَّوْمُ مُنْبَطِحًا على وَجْهِهِ"
قال الإمامُ ابنُ القيِّم في (زاد المَعاد): "وأَنْفَعُ النَّوْم: أن ينام على الشِّقِّ الأيْمَن، لِيَسْتَقِرَّ الطَّعامُ بهذه الهيْئة في المَعِدَة استقرارًا حسنًا؛ فإنَّ المَعِدَةَ أَمْيَلُ إلى الجانب الأيسر قليلاً، ثمَّ يتحوَّل إلى الشِّقِّ الأيْسَر قليلاً؛ لِيُسْرِعَ الهَضْمَ بذلك، لاسْتِمَالَةِ المَعِدَة على الكَبِد،
ثمَّ يَسْتَقِرَّ نَوْمَهُ على الجانب الأيْمَن؛ لِيكونَ الغذاءُ أسرعَ انحدارًا عن المَعِدَة؛ فيكونُ النَّوْمُ على الجانب الأيْمَن بَداءَةَ نَوْمِه ونهايتِه. وكَثْرَةُ النَّوْم على الجانب الأيْسَر مُضِرٌّ بالقَلْب؛ بسبب مَيْلِ الأعضاءِ إليه، فَتَنْصَبُّ إليه الموادُّ. وأردأ النَّوْم على الظَّهْر، ولا يَضُرُّ الاسْتِلْقَاءُ عليه للرَّاحَة من غير نَوْمٍ، وأَرْدَأُ منه أن يَنامَ مُنْبَطِحًا على وَجْهِهِ
قال أَبوقْرَاط في كتاب (التَّقْدِمَة): "وأمَّا نَوْمُ المريض على بطنه من غير أن تكونَ عادَتُهُ في صحَّته جَرَتْ بذلك؛ فذلك يَدُلُّ على اختلاط عَقْلٍ، وعلى ألمٍ في نواحي البَطْن"
. قال الشُّرَّاحُ لكتابه: لأنَّه خالَفَ العادَةَ الجيِّدةَ إلى هيئةٍ رديئةٍ، من غير سببٍ ظاهرٍ ولا باطنٍ". انتهى. وهذا النَّهيُ عامٌّ، يَشْمَلُ الذَّكَرَ والأُنثى؛ لأنَّ الأصلَ اشْتِراكُهُما في الأحكام، إلا ما دَلَّ الدَّليلُ على التَّفْريق بينهما فيه.
والله أعلم.